لمحة عامة عن سلسلة إمدادات المياه في المملكة العربية السعودية
المياه الجوفية:
نظراً إلى التاريخ الجيولوجي للمملكة العربية السعودية، تشكّلت موارد مياه جوفية كبيرة قبل مئات آلاف السنين. وتختزن سلسلة سميكة من طبقات المياه الجوفية الرسوبية التي تغطي كامل الجزء الشرقي من المملكة (الرصيف القاري العربي) موارد وافرة من المياه الجوفية الأحفورية "غير متجددة".
ويُعرف الجزء من الموارد المائية التي هي في متناول تقنية الاستخراج الحالية وغير القليلة الملوحة أو المالحة بـ"موارد المياه الجوفية القابلة للاستغلال"
ويُعرف الجزء المتوفر من موارد المياه هذه عبر تقنيات الإستخراج الحديثة والذي ليس مالحاً ب"موارد المياه الجوفية القابلة للاستغلال".
وقدّر إجمالي كميات المياه الجوفية المخزنة في جميع الطبقات الحاملة للمياه الجوفية بنحو 2,360 مليار متر مكعب. ويظهر هذا الرقم حجم المياه الجوفية العميقة التي هي غير متجددة لناحية إعادة التخزين بفعل المتساقطات. في الواقع، يتسرب جزء صغير فقط من المتساقطات ويصل إلى بعض الطبقات الحاملة للمياه الجوفية الأولية والثانوية. وتشير التقديرات في هذا الإطار إلى إعادة تخزين سنوية بحوالي 3 مليارات متر مكعب.
ثمة ٨ مجموعات طبقات رئيسية حاملة للمياه الجوفية و٥ طبقات ثانوية حاملة للمياه الجوفية تكتسب بعض الأهمية المحلية. وتعتبر الطبقات الحاملة للمياه الجوفية كثيفة جداً، ويمتد بعضها من الحدود الشمالية جنوباً حتى صحراء الربع الخالي، وشرقاً من وسط شبه الجزيرة العربية إلى الخليج العربي.
وفي المنطقة الشرقية، ثمة العديد من الطبقات الحاملة للمياه الجوفية المكدسة فوق بعضها البعض وتفصلها غالباً تكوينات جيولوجية أقل نفاذاً تبطّئ التفاعلات بين الطبقات الحاملة للمياه الجوفية وإنما لا توقفها.
تتم اليوم تلبية أكثر من 80% من الطلب على المياه في المملكة من خلال استخراج المياه الجوفية، والتي تلبي بشكل رئيسي احتياجات القطاع الزراعي. أما الجزء المتبقي فتتم تغطيته من المياه السطحية والمياه المحلاة، فضلاً عن جزء صغير من مياه الصرف الصحي المعالجة.
تلبى الحاجة للمياه البلدية عبر تحلية المياه المالحة
تطلب البلديات المزيد من مياه الشرب في كل سنة نتيجة النمو السكاني، والتطور الاقتصادي المستمر، والتمدد الحضري المتزايد. ويتركز الطلب على المياه في عدد قليل من المناطق الحضرية التي تستحوذ على حوالي نصف السكان. ويتوزع النصف المتبقي في جميع أنحاء المملكة في مئات من البلدات والقرى المتوسطة والصغيرة الحجم مع مستويات متفاوتة من الخدمات.
في عام 2012، جرى توزيع 2,527 متر مكعب من المياه من خلال الشبكات البلدية وخزانات المياه للأسر والوحدات التجارية لتلبية الطلب المتزايد.
تختلف مصادر المياه بحسب طبيعة الأرض. فالمياه المحلاة تنتشر على طول السواحل، بينما تتوفر المياه السطحية في المنطقة الجنوبية الغربية والمياه الجوفية في الأماكن الأخرى. وتلبي تحلية المياه حوالي 61 في المئة من الطلب على المياه. أما نسبة 39 في المئة المتبقية فتأتي في الغالب من المياه الجوفية وتغطي الخزانات (المياه السطحية) جزءاً صغيراً من الطلب. وما زالت مساهمة مياه الصرف الصحي المعالجة المستعلمة لري المساحات الخضراء الحضرية ضئيلة.
في عام 2012، زودت المحطات الحكومية والخاصة المناطق المدنية الرئيسية بـ1,545 مليون متر مكعب من المياه المحلاة. وسجلت مساهمة المياه المحلاة في العرض العام ارتفاعاً في كل سنة عند مقارنتها بالمصادر الأخرى (6 إلى 8 في المئة خلال العامين الماضيين).
الإعتماد الكبير على تحلية المياه المالحة قد جعل المملكة أكبر منتج لها في العالم
مع قدرة تحلية يومية تصل إلى حوالي 4 ملايين متر مكعب، تشكل المملكة العربية السعودية أكبر سوق تحلية في العالم. وارتفعت هذه الأرقام بشكل كبير مع إضافة محطات رأس الخير (التقطير المتعدد التأثير) وسترتفع أكثر ما إن ينطلق العمل بمحطة ينبع 3 (550 ألف متر مكعب في اليوم).
تستحوذ تقنية التناضح العكسي على نصف القدرة الإجمالية للتحلية، وهي في غالبيتها مخصصة للاستخدامات التجارية أو الصناعية، وبوحدات صغيرة. وتستحوذ تقنيتا التقطير الومضي المتعدد المراحل والتقطير المتعدد التأثير على النصف الآخر من قدرة التحلية وهما تُعتمدان في الغالب في المحطات الكبرى (أكثر من 100 ألف متر مكعب في اليوم)، علماً بأن بعض هذه المحطات عبارة عن محطات توليد مشترك للطاقة أنشأتها المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة.
المحطات الكبرى هي الأكثر انتشاراً في المملكة، وفي حين أن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة قد أنشأت غالبيتها، فإن البعض منها عبارة عن محطات مستقلة لإنتاج المياه والكهرباء.
تتتألف المياه التي تغذي محطات التحلية بجزئها الأكبر من مياه البحر (حوالي 75%)، مع تركيز كبير على المياه القليلة الملوحة أيضاً.
النقل
تشغل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة نظام نقل المياه في المملكة المؤلف من العديد من خزانات الأنابيب المتصلة ومحطات الضخ.
تتألف شبكة النقل من عدد من الأنظمة الرئيسية، ويبلغ طول الشبكة حوالي 7.175 كيلومتر، مع أنابيب يتراوح قطرها بين 8 و80 بوصة.
لضمان التدفق المستمر والمتلائم للمياه في النظام عبر المسافات الطويلة والتضاريس المختلفة في المملكة، تتوزع 56 محطة ضخ استراتيجياً عبر الشبكة فضلاً عن 285 خزان، بقدرة تخزين تصل إلى 12.6 مليو متر مكعب.
توزيع المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي
في عام 2003، كُلفت وزارة المياه والكهرباء (حالياً وزارة البيئة والمياه والزراعة) بمسؤولية وضع سياسات المياه وأنظمتها وخدمات الصرف الصحي. ويشترك في تقديم الخدمات المتعلقة بتوزيع المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي الجهات التالية:
- شركة المياه الوطنية المسؤولة حالياً عن توريد المياه والصرف الصحي في مدن الرياض وجدة ومكة المكرمة والطائف (بالشراكة مع مشغلين أجانب من القطاع الخاص)
- المديريات الإقليمية تحت إدارة وزارة البيئة والمياه والزراعة
وفقاً لأحدث استراتيجية وطنية للمياه (2013)، سيتم استثمار حوالي 66.4 مليار دولار في البنى التحتية الجديدة للمياه والخدمات ذات الصلة بين عامي 2012 و2020، على أن يجري تخصيص 30 ملياراً من بينها للنفقات الرأسمالية.
تهدف المملكة أيضاً إلى التوصل إلى ربط ما نسبته 95% من الأسر في المدن الى شبكة الصرف الصحي بحلول سنة 2040.
في الواقع، في عام 2014، تم منح العديد من مقدمي العطاءات عقود 4 محطات جديدة لمعالجة الصرف الصحي بقدرة مدمجة تبلغ 70,500 متر مكعب في اليوم. كما تم توسيع الشبكة البالغ طولها 35,349 كيلومتر بنسبة 15.7% وزيادة التوصيلات المنزلية بشبكة الصرف الصحي بنسبة 9%.
يحدد برنامج التحول الوطني أهدافاً واضحة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بحلول العام ٢٠٢٠
كلفت وزارة البيئة والمياه والزراعة شركة المياه الوطنية بترويج وتبيع مياه الصرف الصحي المعالجة عبر المرسوم الوزاي رقم ٦٧٦\١ بتاريخ ٧\٧\١٤٣٥.
وقامت شركة المياه الوطنية باطلاق مبادرة مياه الصرف الصحي المعالجة لخلق سوق لمياه الصرف الصحي المعالجة مستدام ماليا ويراعي البيئة والمحافظة على موارد المياه غير المتجددة.
تبرز مياه الصرف الصحي المعالجة كبديل وكمورد مياه مستدام. وسمحت كمية مياه الصرف الصحي المعالجة المُعاد استعمالها والتي وصلت إلى 256 مليون متر مكعب في السنة في عام 2015 بالمحافظة على المياه الجوفية الثمينة، وتقليص انبعاثات الكربون، والحد من الاعتماد على المياه المحلاة، مما أدى إلى وفورات تزيد عن 900 مليون رِيال.
الاستخدامات المحتملة لمياه الصرف الصحي المعالجة كبيرة متعددة:
- التبريد
- البناء والتعدين والصناعة
- الزراعة
- الري وهندسة المساحات الخضراء
القطاع الزراعي هو المستهلك الأول لمياه الصرف الصحي المعالجة مع 400,000 متر مكعب في اليوم. وتليه البلديات بكمية 130,000 متر مكعب في اليوم، ومن ثم المصانع بكمية 70,000 متر مكعب في اليوم.
من ناحية أخرى، توجد شركة المياه الوطنية أيضاً فرص استثمار للقطاع الخاص في مجال المياه المعالجة لتطوير محطات معالجة جديدة وبنائها بهدف زيادة القدرات الإجمالية لمعالجة مياه الصرف المنزلية والصناعية.